فصل: الوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما حذر المؤمنين من إضلال الكفار ومن تلبيساتهم في الآية الأولى أمر المؤمنين في هذه الآيات بمجامع الطاعات، ومعاقد الخيرات، فأمرهم أولًا: بتقوى الله وهو قوله: {اتقوا الله} وثانيًا: بالاعتصام بحبل الله، وهو قوله: {واعتصموا بِحَبْلِ الله} وثالثًا: بذكر نعم الله وهو قوله: {واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ} والسبب في هذا الترتيب أن فعل الإنسأن لابد وأن يكون معللًا، إما بالرهبة وإما بالرغبة، والرهبة مقدمة على الرغبة، لأن دفع الضرر مقدم على جلب النفع، فقوله: {اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} إشارة إلى التخويف من عقاب الله تعالى، ثم جعله سببًا للأمر بالتمسك بدين الله والاعتصام بحبل الله، ثم أردفه بالرغبة، وهي قوله: {واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ} فكأنه قال: خوف عقاب الله يوجب ذلك، وكثرة نعم الله توجب ذلك فلم تبق جهة من الجهات الموجبة للفعل إلا وهي حاصلة في وجوب انقيادكم لأمر الله ووجوب طاعتكم لحكم الله، فظهر بما ذكرناه أن الأمور الثلاثة المذكورة في هذه الآية مرتبة على أحسن الوجوه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

انتقل مِن تحذير المخاطبين من الانخداع لوساوس بعض أهل الكتاب، إلى تحريضهم على تمام التَّقوى، لأنّ في ذلك زيادة صلاح لهم ورسوخًا لإيمانهم، وهو خطاب لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم ويَسري إلى جميع من يكون بعدهم.
وهذه الآية أصل عظيم من أصول الأخلاق الإسلامية.
والتَّقوى تقدّم تفسيرها عند قوله تعالى: {هدى للمتقين}.
وحاصلها امتثال الأمر، واجتناب المنهي عنه، في الأعمال الظَّاهرة، والنَّوايا الباطنة.
وحقّ التقوى هو أن لا يكون فيها تقصير، وتظاهر بما ليس من عمله، وذلك هو معنى قوله تعالى: {فاتَّقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] لأنّ الاستطاعة هي القدرة، والتَّقوى مقدورة للنَّاس.
وبذلك لم يكن تعارض بين الآيتين، ولا نسخ، وقيل: هاته منسوخة بقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} لأنّ هاته دلّت على تقوى كاملة كما فسَّرها ابن مسعود: أن يطاع فلا يعصى، ويُشكر فلا يكفر، ويذكر فلا يُنْسى، ورووا أنّ هذه الآية لمَّا نزلت قالوا: يا رسول الله من يَقوىَ لهذا فنزلت قوله تعالى: {فاتَّقوا الله ما استطعتم} فنسَخَ هذه بناء على أنّ الأمر في الآيتين للوجوب، وعلى اختلاف المراد من التقويين.
والحقّ أنّ هذا بيأن لا نسخ، كما حقَّقه المحقِّقون، ولكن شاع عند المتقدّمين إطلاق النَّسخ على ما يشمل البيان. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{حق تقاته} بالإمالة: علي {ولا تفرقوا} بتشديد الراء: البزي وابن فليح.

.الوقوف:

{مسلمون} o {ولا تفرقوا} ص لعطف المتفقتين {إخوانًا} ج لاحتمال الواو وللحال والاستئناف {منها} ط {يهتدون} o {المنكر} ط للعدول {المفلحون} o {البينات} ط {عظيم} o (لا) لتعلق الظرف بلهم على الأصح. وقيل: مصنوب بإضمار اذكر.
{وتسود وجوه} ج {اسودت وجوههم} (لا) لأن التقدير: فيقال لهم: أكفرتم؟ {تكفرون} o {ففي رحمة الله} ط {خالدون} o {بالحق} ط {للعالمين} o {ما في الأرض} ط {الأمور} o {وتؤمنون بالله} ط {خيرًا لهم} ط {الفاسقون} o قيل: لا وقف عليه وعليه وقف لأن المعرف لا يتصف بالجملة {إلا أذى} ط و{الأدبار} وقفة لأن ثم لترتيب الأخبار أي ثم هم لا ينصرون، ولو كان عطفًا لكان ثم لا ينصروا. {لا ينصرون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال البغوي:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} قال مقاتل بن حيان: كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية وقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأصلح بينهم فافتخر بعده منهم رجلان: ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج، فقال الأوسي: منّا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ومنّا حنظلة غسيل الملائكة، ومنا عاصم بن ثابت بن أفلح حميُّ الدبر، ومنّا سعد بن معاذ الذي اهتز لموته عرش الرحمن ورضي الله بحكمه في بني قريظة.
وقال الخزرجي: منّا أربعة أحكموا القرآن: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ومنّا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم، فجرى الحديث بينهما فغضبا وأنشدا الأشعار وتفاخرا، فجاء الأوس والخزرج ومعهم السلاح فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ}. اهـ.

.قال القرطبي:

روى البخاري عن مُرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حقّ تقاته أن يطاع فلا يُعصَى وأن يُذكَر فلا يُنْسى وأن يُشكر فلا يُكفر» وقال ابن عباس: هو ألاّ يُعصَى طَرْفة عَيْن.
وذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من يَقْوى على هذا؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجل: {فاتقوا الله مَا استطعتم} [التغابن: 16] فنسخت هذه الآيةَ؛ عن قَتادة والرّبيع وابن زيد.
قال مقاتل: وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية.
وقيل: إن قوله: {فاتقوا الله مَا استطعتم} بيانٌ لهذه الآية.
والمعنى: فاتّقوا الله حق تُقاته ما استطعتم، وهذا أصوب؛ لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أوْلىَ.
وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] لم تُنسخ، ولكن {حقّ تُقاته} أن يُجاهد في سبيل الله حق جهاده، ولا تأخذكم في الله لَوْمةُ لائم، وتقوموا بالقسط ولو على أنفسكم وأبنائكم.
قال النحاس: وكلما ذكر في الآية واجبٌ على المسلمين أن يستعملوه ولا يقع فيه نسخ. اهـ.

.قال الفخر:

قال بعضهم هذه الآية منسوخة وذلك لما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين لأن حق تقاته: أن يطاع فلا يعصى طرفة عين، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى، والعباد لا طاقة لهم بذلك، فأنزل الله تعالى بعد هذه {فاتقوا الله مَا استطعتم} ونسخت هذه الآية أولها ولم ينسخ آخرها وهو قوله: {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وزعم جمهور المحققين أن القول بهذا النسخ باطل واحتجوا عليه من وجوه الأول: ما روي عن معاذ أنه عليه السلام قال له: «هل تدري ما حق الله على العباد؟» قال الله ورسوله أعلم، قال: «هو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» وهذا لا يجوز أن ينسخ الثاني: أن معنى قوله: {اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ} أي كما يحق أن يتقى، وذلك بأن يجتنب جميع معاصيه، ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ لأنه إباحة لبعض المعاصي، وإذا كان كذلك صار معنى هذا ومعنى قوله تعالى: {فاتقوا الله مَا استطعتم} [التغابن: 16] واحدًا لأن من اتقى الله ما استطاع فقد اتقاه حق تقاته، ولا يجوز أن يكون المراد بقوله: {حَقَّ تُقَاتِهِ} ما لا يستطاع من التقوى، لأن الله سبحانه أخبر أنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها والوسع دون الطاقة ونظير هذه الآية قوله: {وجاهدوا في الله حَقَّ جهاده} [الحج: 78].
فإن قيل: أليس أنه تعالى قال: {وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].
قلنا: سنبين في تفسير هذه الآية أنها جاءت في القرآن في ثلاثة مواضع وكلها في صفة الكفار لا في صفة المسلمين؛ أما الذين قالوا: إن المراد هو أن يطاع فلا يعصى فهذا صحيح والذي يصدر عن الإنسان على سبيل السهو والنسيان فغير قادح فيه لأن التكليف مرفوع في هذه الأوقات، وكذلك قوله: أن يشكر فلا يكفر، لأن ذلك واجب عليه عند خطور نعم الله بالبال، فأما عند السهو فلا يجب، وكذلك قوله: أن يذكر فلا ينسى، فإن هذا إنما يجب عند الدعاء والعبادة وكل ذلك مما لا يطاق، فلا وجه لما ظنوه أنه منسوخ.
قال المصنف رضي الله تعالى عنه، أقول: للأولين أن يقرروا قولهم من وجهين:
الأول: أن كنه الإلهية غير معلوم للخلق، فلا يكون كمال قهره وقدرته وعزته معلومًا للخلق، وإذا لم يحصل العلم بذلك لم يحصل الخوف اللائق بذلك فلم يحصل الاتقاء اللائق به.
الثاني: أنهم أمروا بالاتقاء المغلظ والمخفف معًا فنسخ المغلظ وبقي المخفف، وقيل: إن هذا باطل، لأن الواجب عليه أن يتقي ما أمكن والنسخ إنما يدخل في الواجبات لا في النفي، لأنه يوجب رفع الحجر عما يقتضي أن يكون الإنسان محجورًا عنه وإنه غير جائز. اهـ.
وقال الفخر:
قوله تعالى: {حَقَّ تُقَاتِهِ} أي كما يجب أن يتقى يدل عليه قوله تعالى: {حَقُّ اليقين} [الواقعة: 95] ويقال: هو الرجل حقًا، ومنه قوله عليه السلام: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أنا علي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، والتقى اسم الفعل من قولك اتقيت، كما أن الهدى اسم الفعل من قولك اهتديت. اهـ.
وقال الفخر:
لفظ النهي واقع على الموت، لكن المقصود الأمر بالإقامة على الإسلام، وذلك لأنه لما كان يمكنهم الثبات على الإسلام حتى إذا أتاهم الموت أتاهم وهم على الإسلام، صار الموت على الإسلام بمنزلة ما قد دخل في إمكانهم، ومضى الكلام في هذا عند قوله: {إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ الدين فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [البقرة: 132]. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} أي مخلصون نفوسكم لله عز وجل لا تجعلون فيها شركة لسواه أصلًا، وذكر بعض المحققين أن الإسلام في مثل هذا الموضع لا يراد به الأعمال بل الإيمان القلبي لأن الأعمال حال الموت مما لا تكاد تتأتى ولذا ورد في دعاء صلاة الجنازة اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن أمته منا فأمته على الإيمان فأخذ الإسلام أولًا والإيمان ثانيًا لما أن لكل مقام مقالًا، والاستثناء (مفرغ) من أعم الأحوال أي لا تموتن على حال من الأحوال إلا على حال تحقق إسلامكم وثباتكم عليه كما تفيده الجملة الاسمية، ولو قيل: إلا مسلمين لم يقع هذا الموقع والعامل في الحال ما قبل {إِلا} بعد النقض والمقصود النهي عن الكون على حال غير حال الإسلام عند الموت، ويؤل إلى إيجاب الثبات على الإسلام إلى الموت إلا أنه وجه النهي إلى الموت للمبالغة في النهي عن قيده المذكور وليس المقصود النهي عنه أصلًا لأنه ليس بمقدور لهم حتى ينهوا عنه، وفي التحبير للإمام السيوطي: ومن عجيب ما اشتهر في تفسير {مُّسْلِمُونَ} قول العوام: أي متزوجون وهو قول لا يعرف له أصل ولا يجوز الإقدام على تفسير كلام الله تعالى بمجرد ما يحدث في النفس أو يسمع ممن لا عهدة عليه انتهى، وقرأ أبو عبد الله رضي الله تعالى عنه {مُّسْلِمُونَ} بالتشديد ومعناه مستسلمون لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم منقادون له؛ وفي هذه الآية تأكيد للنهي عن إطاعة أهل الكتاب. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري:
قوله جلّ ذكره: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}.
حقُّ التقوى أن يكون على وفق الأمر لا يزيد من قِبَلِ نَفْسِه ولا ينقص.
هذا هو المعتمد من الأقاويل فيه، وأمره على وجهين: على وجه الحَتْم وعلى وجه الندب وكذلك القول في النهي على قسمين: تحريم وتنزيه، فيدخل في جملة هذا أن يكون حق تقاته أولًا اجتناب الزلة ثم اجتناب الغفلة ثم التوقي عن كل خلة ثم التنقي من كل عِلَّة، فإذا تَقِيتَ عن شهود تقواك بعد اتصافك بتقواك فقد اتَّقَيْت حقَّ تقواك.
وحق التقوى رفض العصيان ونفي النسيان، وصون العهود، وحفظ الحدود، وشهود الإلهية، والانسلاخ عن أحكام البشرية، والخمود تحت جريان الحكم بعد اجتناب كل جُرْم وظلم، واستشعار الأنفة عن التوسل إليه بشيء من طاعتك دون صرف كرمه، والتحقق بأنه لا يَقْبل أحدًا بعِلَّة ولا يَرُدُّ أحدًا بعلة.
قوله جلّ ذكره: {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
لا تُصَادِفَنَّكم الوفاة إلا وأنتم بشرط الوفاء. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا}:

.قال ابن عاشور:

وقوله: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا} ثَنَّى أمرهم بما فيه صلاح أنفسهم لأخراهم، بأمرهم بما فيه صلاح حالهم في دنياهم، وذلك بالاجتماع على هذا الدّين وعدم التَّفرّق ليكتسبوا باتّحادهم قوّة ونماء. اهـ.

.قال الفخر:

واعلم أنه تعالى لما أمرهم بالاتقاء عن المحظورات أمرهم بالتمسك بالاعتصام بما هو كالأصل لجميع الخيرات والطاعات، وهو الاعتصام بحبل الله.
واعلم أن كل من يمشي على طريق دقيق يخاف أن تزلق رجله، فإذا تمسك بحبل مشدود الطرفين بجانبي ذلك الطريق أمن من الخوف، ولا شك أن طريق الحق طريق دقيق، وقد انزلق رجل الكثير من الخَلْق عنه، فمن اعتصم بدليل الله وبيناته فإنه يأمن من ذلك الخوف، فكان المراد من الحبل هاهنا كل شيء يمكن التوصل به إلى الحق في طريق الدين، وهو أنواع كثيرة، فذكر كل واحد من المفسرين واحدًا من تلك الأشياء، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد بالحبل هاهنا العهد المذكور في قوله: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] وقال: {إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ الله وَحَبْلٍ مّنَ الناس} [آل عمران: 112] أي بعهد، وإنما سمي العهد حبلًا لأنه يزيل عنه الخوف من الذهاب إلى أي موضع شاء، وكان كالحبل الذي من تمسك به زال عنه الخوف، وقيل: أنه القرآن، روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أما إنها ستكون فتنة» قيل: فما المخرج منها؟ قال: «كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم وهو حبل الله المتين».
وروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هذا القرآن حبل الله».
وروي عن أبي سعيد الخُدْريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله تعالى حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي» وقيل: إنه دين الله، وقيل: هو طاعة الله، وقيل: هو إخلاص التوبة، وقيل: الجماعة، لأنه تعالى ذكر عقيب ذلك قوله: {وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
وهذه الأقوال كلها متقاربة، والتحقيق ما ذكرنا أنه لما كان النازل في البئر يعتصم بحبل تحرزًا من السقوط فيها، وكان كتاب الله وعهده ودينه وطاعته وموافقته لجماعة المؤمنين حرزًا لصاحبه من السقوط في قعر جهنم جعل ذلك حبلًا لله، وأمروا بالاعتصام به. اهـ.